ولما كان تقدير الكلام الذي أرشد إليه السياق : فلما سمع الفرعوني قول الإسرائيلي تركه. ثم رقي الكلام إلى أن بلغ
فرعون فوقع الكلام في الأمر بقتل
موسى عليه الصلاة والسلام ، عطف عليه قوله :
وجاء رجل أي : ممن يحب
موسى عليه الصلاة والسلام. ولما
[ ص: 262 ] كان الأمر مهما ، يحتاج إلى مزيد عزم وعظم قوة ، قدم فاعل المجيء على متعلقه بخلاف ما في سورة يس.
ولما كان في بيان الاقتدار على الأمور الهائلة من الأخذ بالخناق حتى يقول القائل : لا خلاص ، ثم الإسعاف بالفرج حتى يقول : لا هلاك ، قال واصفا للرجل :
من أقصى المدينة أي : أبعدها مكانا ، وبين أنه كان ماشيا بقوله :
يسعى [و]لكنه اختصر طريقا وأسرع في مشيه بحيث كان يعدو فسبقهم بإعظامه للسعي وتجديد العزم في كل وقت من أوقات سعيه فكأنه قيل : ما فعل؟ فقيل :
قال مناديا له باسمه تعطفا وإزالة للبس :
يا موسى وأكد إشارة إلى أن الأمر قد دهم فلا يسع الوقت الاستفصال فقال :
إن الملأ أي : أشراف
القبط الذين في أيديهم الحل والعقد ، لأن لهم القدرة على الأمر والنهي
يأتمرون بك أي : يتشاورون بسببك ، حتى وصل حالهم في تشاورهم إلى أن كلا منهم يأمر الآخر ويأتمر بأمره ، فكأنه قيل : لم يفعلون ذلك؟ فقيل :
ليقتلوك لأنهم سمعوا أنك قتلت صاحبهم
فاخرج أي : من هذه المدينة; ثم علل ذلك بقوله على سبيل التأكيد ليزيل ما يطرق من احتمال عدم القتل لكونه عزيزا عند الملك :
إني لك أي : خاصة
من الناصحين أي : العريقين في نصحك .