ولما كان التقدير : وما كنت من أهل ذلك الزمان الحاضرين
[ ص: 304 ] لذلك الأمر ، وامتد عمرك إلى هذا الزمان حتى أخبرت بما كنت حاضره ، استدرك ضد ذلك فقال :
ولكنا أي : بما لنا من العظمة
أنشأنا أي : بعد ما أهلكنا أهل ذلك الزمان الذين علموا هذه الأمور بالمشاهدة والإخبار ، كلهم
قرونا أي : ما أخرنا أحدا من أهل ذلك الزمان ، ولكنا أهلكناهم وأنشأنا بعدهم أجيالا كثيرة
فتطاول بمروره وعلوه
عليهم العمر جدا بتدريج من الزمان شيئا فشيئا فنسيت تلك الأخبار ، وحرفت ما بقي منها الرهبان والأحبار ، ولا سيما في زمان الفترة ، فوجب في حكمتنا إرسالك فأرسلناك لتقوم المحجة ، وتقوم بك الحجة ، فعلم أن إخبارك بهذا والحال أنك لم تشاهده ولا تعلمته من مخلوق إنما هو عنا وبوحينا.
ولما نفى العلم بذلك بطريق الشهود ، نفى سبب العلم بذلك فقال :
وما كنت ثاويا أي : مقيما إقامة طويلة مع الملازمة
بمدين في أهل مدين أي : قوم
شعيب عليه السلام
تتلو أي : تقرأ على سبيل القص للآثار والأخبار الحق
عليهم آياتنا العظيمة ، لتكون ممن يهتم بأمور الوحي وتتعرف دقيق أخباره ، فيكون خبرهم وخبر
موسى عليه الصلاة والسلام معهم وخبره بعد فراقه لهم
[ ص: 305 ] من شأنك ، لتوفر داعيتك حينئذ على تعرفه
ولكنا كنا أي : كونا أزليا أبديا نسبته إلى جميع الأزمنة بما لنا من العظمة ، على حد سواء
مرسلين أي : لنا
صفة القدرة على الإرسال ، فأرسلنا إلى كل نبي في وقته ثم أرسلنا إليك في هذا الزمان بأخبارهم وأخبار غيرهم لتنشرها في الناس ، واضحة البيان سالمة من الإلباس ، لأنا كنا شاهدين لذلك كله ، لم يغب عنا شيء منه ولا كان إلا بأمرنا.