ولما [كان] شرط صدقهم ، بين كذبهم على تقدير عدم الجزاء فقال :
فإن لم يستجيبوا [أي : الكفار الطالبون للأهدى في الإتيان به] ، ولما كانت الاستجابة تتعدى بنفسها إلى الدعاء ، وباللام إلى الداعي ، وكان ذكر الداعي أدل على الاعتناء به والنظر إليه ، قال
[ ص: 312 ] [مفردا لضميره صلى الله عليه وسلم لأنه لا يفهم المقايسة في الأهدوية غيره] :
لك أي : يطلبوا الإجابة ويوجدوها في الإيمان أو الإتيان بما ذكرته لهم ودعوتهم إليه مما هو أهدى ، من القرآن والتوراة ليظهر صدقهم
فاعلم أنت
أنما يتبعون أي : بغاية جهدهم فيما هم عليه من الكفر والتكذيب
أهواءهم أي : دائما ،
وأكثر الهوى مخالف للهدى فهم ظالمون غير مهتدين ، بل هم أضل الناس ، وذلك معنى قوله :
ومن أضل أي : منهم ، ولكنه قال :
ممن اتبع أي : بغاية جهده
هواه تعليقا للحكم بالوصف; والتقييد وبقوله :
بغير هدى أي : بيان وإرشاد
من الله أي :
الملك الأعلى الذي له جميع صفات الكمال دليل على أن الهوى قد يوافق الهدى ، والتعبير بالافتعال دليل على أن التابع وإن كان ظالما قد لا يكون أظلم.
ولما كانت متابعة الهوى على هذه الصورة ظلما ، وصل به قوله مظهرا لئلا يدعى التخصيص بهم :
إن الله أي : الملك الأعظم الذي لا راد لأمره
لا يهدي وأظهر موضع الإضمار للتعميم فقال :
القوم الظالمين أي : وإن كانوا أقوى الناس لاتباعهم أهواءهم ، فالآية من الاحتباك : أثبت أولا اتباع الهوى دليلا على حذفه ثانيا ، وثانيا الظلم دليلا على حذفه أولا.