ولما لم يلتفت إلى هذا الكلام منهم بل عد عدما ، لأنه لا طائل تحته ، أشير إلى الإعراض عنه لأنه لا يستحق جوابا كما قيل : "رب قول جوابه في السكوت" بقوله :
وقيل أي : ثانيا للأتباع تهكما بهم وإظهارا لعجزهم الملزوم لتحسرهم وعظم تأسفهم ، وعبر بصيغة المجهول ، إظهارا للاستهانة بهم ، وأنهم من الذل والصغار بحيث يجيبون كل أمر كائنا من كان :
ادعوا أي : كلكم
شركاءكم أي : الذين ادعيتم جهلا شركتهم ليدفعوا عنكم. وأضافهم هنا إليهم إشارة إلى أنهم لم يستفيدوا زعمهم أنهم شركاء الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - إلا أن
[ ص: 336 ] أشركوهم فيما صرفوا إليهم من أموالهم وأقوالهم ، وأزمانهم وأحوالهم
فدعوهم تعللا بما لا يغني ، وتمسكا بما يتحقق أنه لا يجدي ، لفرط الغلبة واستيلاء الحيرة والدهشة
فلم يستجيبوا لهم كما يحق لهم بما لهم من وصف عدم الإدراك ، والعجز والهلاك
ورأوا أي : كلهم
العذاب عالمين بأنه مواقعهم لا مانع له عنهم ، فكان الحال حينئذ مقتضيا لأن يقال من كل من يراهم :
لو أنهم كانوا أي : كونا هو لهم صفة راسخة
يهتدون أي : يحصل منهم هدى ساعة من الدهر ، تأسفا على أمرهم ، وتمنيا لخلاصهم ، أو لو أن ذلك كان في طبعهم لنجوا من العذاب ، أو لما رأوه أصلا ، أو لما اتبعوهم.