ولما تسبب عن نظره هذا الذي أوصله إلى الكفر بربه أخذه بالعذاب ، أشار إلى ذلك سبحانه بقوله :
فخسفنا أي : بما لنا من العظمة
به وبداره أي : وهي على مقدار ما ذكرنا من عظمته بأمواله وزينته ، فهي أمر عظيم ، تجمع خلقا كثيرا وأثاثا عظيما ، لئلا يقول قائل : إن الخسف به كان للرغبة في أخذ أمواله
الأرض وهو من قوم
موسى عليه الصلاة والسلام وقريب منه جدا -على ما نقله
[ ص: 359 ] أهل الأخبار-
فإياكم يا أمة هذا النبي أن تردوا ما آتاكم من الرحمة برسالته فتهلكوا وإن كنتم أقرب الناس إليه فإن الأنبياء كما أنهم لا يوجدون الهدى في قلوب العدى ، فكذلك لا يمنعونهم من الردى ولا يشفعون لهم أبدا ، إذا تحققوا أنهم من أهل الشقا
فما أي : فتسبب عن ذلك أنه ما
كان له أي :
لقارون ، وأكد النفي - لما استقر في الأذهان أن الأكابر منصورون - بزيادة الجار في قوله :
من فئة أي : طائفة من الناس يكرون عليه بعد أن هالهم ما دهمه ، وأصل الفئة الجماعة من الطير كأنها سميت بذلك لكثرة رجوعها وسرعته إلى المكان الذي ذهبت منه
ينصرونه
ولما كان الله تعالى أعلى من كل شيء قال :
من دون الله أي : الحائز لصفات الكمال ، المتردي بالعظمة والجلال ، لأن من كان على مثل رأيه هلك ،
ومن كان من أولياء الله راقب الله في أمره ، فلم يسألوا الله فيه ، وعلم هو أن الحق لله ، وضل عنه - كما في الآية التي قبلها - ما كان يفتري
وما كان أي : هو
من المنتصرين لأنفسهم بقوتهم.