ولما كان التواني في النهي عن المنكر إعراضا عن الأوامر وإن كان المتواني مجتهدا في العمل ، قال مؤكدا تنبيها على شدة الأمر لكثرة الأعداء وتتابع الإيذاء والاعتداء :
ولا يصدنك أي : الكفار بمبالغتهم في الإعراض وقولهم :
لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ونحوه ،
عن آيات الله أي : عن الصدع بها وهي من المتصف بصفات الكمال ، في الأوقات الكائنة
بعد إذ أنـزلت أي : وقع إنزالها ممن تعلمه منتهيا
إليك مما ترى من أوامرها ونواهيها ، ولقد بين هذا المعنى قوله :
وادع أي : أوجد الدعاء للناس
إلى ربك أي : المحسن إليك لإحسانه إليك ، وإقباله دون الخلق عليك ، وأعراه من التأكيد اكتفاء بالمستطاع فإن الفعل ليس للمبالغة فيه جدا ، إشارة إلى أن
جلب المصالح أيسر خطبا من درء المفاسد ، فإن المطلوب فيه النهاية محدود بالاجتناب.
[ ص: 381 ] ولما كان
الساكت عن فاعل المنكر شريكا له ، قال مؤكدا تنبيها على الاهتمام بدرء المفاسد ، وأنه لا بد فيه من بلوغ الغاية :
ولا تكونن من المشركين أي : معدودا في عدادهم بترك نهيهم عن شركهم وما يتسبب عنه ساعة واحدة.