ولما كان السياق للفتنة والأذى في الله المحقق أمره بإذا دون "إن" وكان الكفار يفتنون من أسلم في أول الأمر ، ذكر سبحانه بعض ما كانوا يقولون لهم عند الفتنة جهلا بالله وغرورا ، فقال معجبا منهم ،
[ ص: 401 ] عاطفا على
ومن الناس من يقول وقال الذين كفروا اغترارا منهم بالله ، وجرأة على حماه المنيع
للذين أي : لطائفة من يقول بلسانه : آمنا بالله ، وهم الذين
آمنوا أي : حقيقة ، جهلا منهم بما خالط قلوبهم من بشاشة الإيمان ، وأنوار العرفان :
اتبعوا أي : كلفوا أنفسكم بأن تتبعوا
سبيلنا أي : طريق ديننا ، وعطفوا وعدهم في مجازاتهم على ذلك بصيغة الأمر على أمرهم باتباعهم للدلالة على أنه محقق لا شك فيه فقالوا :
ولنحمل خطاياكم بوعد صادق وأمر محتوم جازم ، إن كان ما تقولون حقا إنه لابد لنا من معاد نؤاخذ فيه بالخطايا ، ولو دروا لعمري ما الخبر ، يوم يقولون : لا مفر ، ما عرضوا أنفسهم لهذا الخطر ، يوم يود كل امرئ لو افتدى بماله وبنيه ، وعرسه وأخيه ، وصديقه وأبيه ، ويكون كلامهم - وإن كان أمرا - بمعنى الخبر لأنه وعد كذبه سبحانه لأن معناه : إن كتب عليكم إثم حملناه عنكم بوعد لا خلف فيه
وما هم أي : الكفار
بحاملين ظاهرا ولا باطنا
من خطاياهم أي : المؤمنين
من شيء وهم يقدرون أن لا يحملوا ، أو حملا يخفف عنهم العذاب ، أي : أنهم إذا عاينوا تلك الأحوال ، وطاشت عقولهم في بحار هاتيك الأهوال ، التي لا يقوم لها الجبال ،
[ ص: 402 ] تبرأوا ممن قالوا له هذا المقال ، فقد أخبروا بما لا يطابق الواقع ، ويجوز أن يكونوا تعمدوا الكذب حال الإخبار إن كانت نيتهم أنهم لا يفون على تقدير تحقق الجزاء.
ولما علم من هذا كذبهم بكل حال سواء تعمدوا أو لا ، صرح به تأكيدا لمضمون ما قبله ، مؤكدا لأجل ظن من غروه صدقهم في قوله [مستأنفا] :
إنهم لكاذبون