ولما كان التقدير : فالذين آمنوا بآيات ربهم ولقائه أولئك يرجون رحمتي وأولئك لهم نعيم مقيم ، وكان قد أمرهم بالاستدلال ، وهددهم ليرجعوا عن الضلال ، بما أبقى للرجال بعض المحال ، أتبعه ما قطعه ، فقال عاطفا على ذلك المقدر :
والذين كفروا أي : ستروا ما أظهرته لهم أنوار العقول
بآيات الله أي : دلائل الملك الأعظم المرئية والمسموعة التي لا أوضح منها
ولقائه بالبعث بعد الموت الذي أخبر به وأقام الدليل على قدرته عليه بما لا أجلى منه
أولئك أي : البعداء البغضاء البعيدو الفهم المحطوطون عن رتبة الإنسان ، بل رتبة مطلق الحيوان
يئسوا أي : تحقق يأسهم من الآن ، بل من الأزل ، لأنهم لم يرجوا
[ ص: 420 ] لقاء الله يوما; ولا قال أحد منهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=657323رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " .
ولما كان أكثرهم متعنتا ، بين أن المتكلم بهذا الكلام ، العالي عن متناول الأنام ، هو الله المنوه باسمه في هذا النظام ، بالالتفات إلى أسلوب التكلم ، تنبيها لمفات السامعين بما ملأ الصدور وقصم الظهور فقال :
من رحمتي أي : من أن أفعل بهم من الإكرام بدخول الجنة وغيرها فعل الراحم; وكرر الإشارة تفخيما للأمر فقال :
وأولئك أي : الذين ليس بعد بعدهم بعد ، وتهكم بهم في التعبير بلام الملك التي يغلب استعمالهما في المحبوب فقال :
لهم عذاب أليم أي : مؤلم بالغ إيلامه في الدنيا والآخرة.