ولما تقدم سلبه النفع عن هذه الأوثان ، أشار هنا إلى نفع يعقب من الضر ما لا نسبة له منه ، فليس حينئذ بنفع ، فقال تعالى :
وقال أي :
إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير هائب لتهديدهم بقتل ولا غيره ، مؤكدا لأجل ما أشار إليه مما ينكرونه من ضعف شركائهم وعجزها :
إنما اتخذتم أي : أخذتم باصطناع وتكلف ، وأشار إلى
عظمة الخالق وعلو شأنه بقوله :
من دون الله أي : الذي كل شيء تحت قهره ، ولا كلفة - في اعتقاد كونه ربا - باحتياج إلى مقدمة جعل وصنعة ولا غير ذلك ، وقال :
أوثانا إشارة إلى تكثرها الذي هو مناف
[ ص: 423 ] لرتبة الإلهية; وأشار إلى ذلك النفع بقوله :
مودة أي : لأجل مودة عند من نصب سواء ترك التنوين وهم
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح عن
يعقوب أو نون وهم الباقون
بينكم من خفضه على الاتساع ورفع "مودة" وهم
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ورويس عن
يعقوب كان المعنى : هي مودة البين الجامع لكم بمعنى مودتكم على وجه أبلغ ، لأن المودة إذا كانت لبين جامع الناس كانت لأولئك الناس بطريق الأولى ، ومن خفضه ونصبها وهم
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح عن
يعقوب فالمعنى : لأجل المودة ، ومن نصبها ونون وهم
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة فالبين عنده ظرف
في الحياة الدنيا بالاجتماع عندها والتواصل في أمرها بالتناصر والتعاضد كما يتفق ناس على مذهب فيكون ذلك سبب تصادقهم ، وهذا دال على أن جمع الفسوق لأهل الدنيا هو العادة المستمرة، وأن
الحب في الله والاجتماع له عزيز جدا ، لما فيه من قطع علائق الدنيا وشهواتها التي زينت للناس ، بما فيها من الإلباس ، وعظيم البأس.
ولما أشار إلى هذا النفع الذي هو في الحقيقة ضر ، ذكر ما يعقبه من الضر البالغ ، فقال معبرا بأداة البعد إشارة إلى عظيم ذلك اليوم ،
[ ص: 424 ] وإلى أنه جعل لهم في الحياة أمدا يمكنهم فيه السعي للتوقي من شر ذلك اليوم :
ثم يوم القيامة ساقه مساق ما لا نزاع فيه لما قام عليه من الأدلة
يكفر بعضكم ببعض فينكر كل منهم محاسن أخيه ، ويتبرأ منه بلعن الأتباع القادة ، ولعن القادة الأتباع ، وتنكرون كلكم عبادة الأوثان تارة إذا تحققتم أنها لا ضر ولا نفع لها ، وتقرون بها أخرى طالبين نصرتها راجين منفعتها ، وتنكر الأوثان عبادتكم وتجحد منفعتكم
ويلعن بعضكم بعضا على ما ذكر
ومأواكم جميعا أنتم والأوثان
النار لتزيد في عذابكم ويزداد بغضكم لها
وما لكم وأعرق في النفي فقال :
من ناصرين أصلا يحمونكم منها ، ويدخل في هذا كل من وافق أصحابه من أهل المعاصي أو البطالة على الرذائل ليعدوه حسن العشرة مهذب الأخلاق لطيف الذات ، أو خوفا من أن يصفوه بكثافة الطبع وسوء الصحبة ، ولقد عم هذا لعمري أهل الزمان ليوصفوا بموافاة [الإخوان ومصافاة] الخلان ، معرضين عن رضى الملك الديان.