ثم كرر الإنكار تأكيدا لتجاوز قبحها الذي ينكرونه فقال :
أإنكم لتأتون الرجال إتيان الشهوة ، وعطف عليها ما ضموه إليها من المناكر ، بيانا لاستحقاق الذم من وجوه ، فأوجب حالهم ظن أنهم وصلوا من الخبث إلى حد لا مطمع في الرجوع عنه مع
[ ص: 429 ] ملازمته لدعائهم من غير ملل ولا ضجر ، فقال :
وتقطعون السبيل أي : بأذى الجلابين والمارة.
ولما خص هذين الفسادين ، عم دالا على المجاهرة فقال :
وتأتون في ناديكم أي : المكان الذي تجلسون فيه للتحدث بحيث يسمع بعضكم نداء بعض من مجلس المؤانسة ، وهو ناد ما دام القوم فيه ، فإذا قاموا عنه لم يسم بذلك
المنكر أي : هذا الجنس ، وهو ما تنكره الشرائع والمروءات والعقول ، ولا تتحاشون عن شيء منه في المجتمع الذي يتحاشى فيه الإنسان من فعل خلاف الأولى ، من غير أن يستحي بعضكم من بعض; ودل على عنادهم بقوله مسببا عن هذه النصائح بالنهي عن تلك الفضائح :
فما كان جواب قومه أي : الذين فيهم قوة ونجدة بحيث يخشى شرهم ، ويتقي أذاهم وضرهم ، لما أنكر عليهم ما أنكر
إلا أن قالوا عنادا وجهلا واستهزاء :
ائتنا بعذاب الله وعبروا بالاسم الأعظم زيادة في الجرأة ، ولما كان الإنكار ملزوما للوعيد بأمر ضار قالوا :
إن كنت أي : كونا متمكنا
من الصادقين أي : في وعيدك وإرسالك ، إلهابا وتهييجا.