ولكون شيء منه لم يغن عن أحد منهم شيئا
فلم تختل سنة الله في أوليائه وأعدائه في قرن من القرون [ولا عصر من العصور ، ] بل جرت على أقوم نظام ، وأتقن إحكام ، وصل بذلك قوله تعالى على وجه الاستنساج :
مثل الذين .
ولما كان
دعاء غير الله مخالفا لقويم العقل ، وصريح النقل ، وسليم الفطرة [وصحيح الفكرة] فكان ذلك يحتاج إلى [تدرب إلى] الجلافة ، وتطبع في الكثافة ، قال :
اتخذوا أي : اتكلوا أن أخذوا.
ولما كانت الرتب تحت رتبته سبحانه لا تحصى ، وكل الرتب دون رتبته ، قال [منبها على ذلك بالجار] :
من دون الله أي : الذي لا كفؤ له ، فرضوا بالدون ، عوضا عمن لا تكفيه الأوهام والظنون
أولياء [ ص: 442 ] ينصرونهم بزعمهم من معبودات وغيرها ، في الضعف والوهي
كمثل العنكبوت الدابة المعروفة ذات الأرجل الكثيرة الطوال; ثم استأنف ذكر وجه الشبه وعبر عنها بالتأنيث وإن كانت تقال بالتذكير تعظيما لضعفها ، لأن المقام لضعف ما تبنيه فقال :
اتخذت بيتا أي : تكلفت أخذه في صنعتها له ليقيها الردى ، ويحميها البلا ، كما تكلف هؤلاء اصطناع أربابهم لينفعوهم ، ويحفظوهم بزعمهم ويرفعوهم ، فكان ذلك البيت مع تكلفها في أمره ، وتعبها الشديد في شأنه ، في غاية الوهن.
ولما كان حالها في صنعها حال من ينكر وهنه ، قال مؤكدا :
وإن [و] واوه للحال من ضمير -
اتخذت أي : والحال أنه أوهن - هكذا كان الأصل ، ولكنه أظهر للتعميم فقال :
أوهن البيوت أي : أضعفها
لبيت العنكبوت التي عانت في حوكه ما عانت وقاست في نسجه ما قاست ، لأنه لا يكن من حر ، ولا يصون من برد ، ولا يحصن عن طالب ، كذلك ما اتخذ هؤلاء من هذه الأوثان ، وهذا الدين الذي لا أصل له فهو أوهن
[ ص: 443 ] الأديان وأهونها
لو كانوا يعلمون أي : لو كان لهم نوع ما من العلم لانتفعوا به فعلموا أن هذا مثلهم ، فأبعدوا عن اعتقاد ما هذا مثله.