ولما كان من المعلوم أنهم يقولون : نحن لا نصدق أن هذا الكتاب من عند الله فضلا عن أن نكتفي به ، قال :
قل أي : جوابا لما قد يقولونه من نحو هذا :
كفى بالله أي : الحائز لجميع العظمة وسائر الكمالات ، الذي شهد لي بالرسالة في كتابه الذي أثبت أنه كلامه عجز الخلق عن معارضته.
ولما كانت العناية في هذه السورة بذكر الناس ، وتفصيل أحوالهم ، ابتدأ بقوله :
بيني وبينكم قبل قوله :
شهيدا بخلاف الرعد والأنعام ، ثم وصف الشهيد أو علل كفايته بقوله :
يعلم ما في السماوات أي : كلها. ولما لم يكن للأرض غير هذه التي يشاهدونها ذكر في إتيان الوحي والقرآن منها ، أفرد فقال :
والأرض أي : لا يخفى عليه شيء من ذلك فهو عليم بما ينسبونه إلي من التقول عليه وبما أنسبه أنا إليه
[ ص: 462 ] من هذا القرآن الذي شهد لي به عجزكم عنه فهو شاهد لي ، والله في الحقيقة هو الشاهد لي ، بما فيه من الثناء علي ، والشهادة لي بالصدق ، لأنه قد ثبت بالعجز عنه أنه كلامه وسيتحقق بالعقل إبطال المبطل منا.
ولما كان التقدير : وأنتم تعلمون أنه قد شهد لي بأني على الحق ، وأن كل ما خالف ما جئت به فهو باطل ،
فالذين آمنوا بالحق وكفروا بالباطل فأولئك هم الفائزون ، عطف عليه قوله :
والذين آمنوا بالباطل أي : الذي لا يجوز الإيمان به من كل معبود سوى الله
وكفروا بالله الذي يجب الإيمان به والشكر له ، لأنه له الكمال كله وكل ما سواه هالك ليس له من ذاته إلا العدم
أولئك البعداء البغضاء
هم أي : خاصة
الخاسرون أي : العريقون في الخسارة ، فإنهم خسروا أنفسهم أبدا.