ولما أشير في آخر تلك بأمر
الحرم إلى أنه سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء، وختم بمدح المجاهدين فيه، وأنه سبحانه لا يزال مع المحسنين، وكانت قد افتتحت بأمر المفتونين، فكان كأنه قيل: لنفتننكم ولنعمين المفتنين ولنهدين المجاهدين، وكان أهل
فارس قد انتصروا على
الروم، ففرح المشركون وقالوا للمسلمين: قد انتصر إخواننا الأميون على إخوانكم أهل الكتاب، فلننصرن عليكم، فأخبر الله تعالى بأن الأمر يكون على خلاف ما زعموا، فصدق مصدق وكذب مكذب، فكان في كل من ذلك من نصر أهل
فارس وإخبار الله تعالى بإدالة
الروم فتنة يعرف بها الثابت من المزلزل، وكان من له كتاب أحسن حالا في الجملة ممن لا كتاب له، افتتحت هذه بتفصيل ذلك تصريحا بعد أن أشار إليه بالأحرف المقطعة تلويحا غيبا وشهادة، دلالة على وحدانيته وإبطال الشرك، فأثبت سبحانه أن له جميع الأمر وأنه يسر المؤمنين بنصرة من له دين صحيح الأصل، وخذلان أهل العراقة في الباطل والجهل، وجعل ذلك على وجه يفيد نصر المؤمنين على المشركين، فقال مبتدئا بما أفهمه كونه مع المحسنين مع أنه ليس مع المسيئين:
غلبت الروم أي لتبديلهم دينهم [غلبهم]
الفرس في زمن
أنوشروان أو بعده