ولما كان المجادل بغير واحد من هذه الثلاثة تابعا هواه مقلدا مثله قطعا، وكان حال المجادلين هذا لظهور أدلة الوحدانية عجبا، عجب منهم تعجيبا آخر بإقامتهم على الضلال مع إيضاح الأدلة فقال:
وإذا قيل أي من أي قائل كان. ولما كان ضلال الجمع أعجب من ضلال الواحد، [وكان التعجيب من جدال الواحد] تعجيبا من جدال الاثنين فأكثر من باب الأولى، [أفرد أولا[ وجمع هنا فقال:
لهم أي للمجادلين هذا الجدال:
اتبعوا ما أي ابذلوا جهدكم في تبع الذي، وأظهر لزيادة التشنيع أيضا فقال:
أنـزل الله الذي خلقكم وخلق آباءكم الأولين، وهو الذي لا عظيم إلا هو
قالوا [ ص: 188 ] جمودا: لا نفعل
بل نتبع وإن جاهدنا بالأنفس والأموال
ما وجدنا عليه آباءنا لأنهم أثبت منا عقولا، وأقوم قيلا، وأهدى سبيلا.
ولما كانوا لا يسلكون طريقا حسيا بغير دليل، كان التقدير: أتتبعونهم لو كان الهوى يدعوهم فيما وجدتموهم عليه إلى ما يظن فيه الهلاك، لكونه بغير دليل، فعطف عليه قوله:
أولو كان الشيطان أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنة، وهو أعدى أعدائهم، دليلهم فهو
يدعوهم إلى الضلال فيوقعهم فيما يسخط الرحمن فيؤديهم ذلك
إلى عذاب السعير وعبر بالمضارع تصويرا لحالهم في ضلالهم وأنه مستمر، وأطلق العذاب على سببه.