ولما ذكر الناطق بقسميه، ذكر الصامت فقال:
وأورثكم أرضهم من الحدائق وغيرها; ولما عم خص بقوله:
وديارهم لأنه يحامي عليها ما لا يحامي على غيرها; ثم عم بقوله:
وأموالهم مما تقدم ومن غيره من النقد والماشية والسلاح والأثاث وغيرها، فقسم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان ولفارسه سهم كما للراجل ممن ليس له فرس وأخرج منها الخمس فعلى سنتها وقعت المقاسم ومضت السنة في المغازي، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من سباياهم
ريحانة بنت عمرو بن خنافة. إحدى نساء
بني عمرو بن قريظة، فتلبثت قليلا، ثم أسلمت، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت: يا رسول الله! بل تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك، فتركها حتى توفي عنها [في] ملكه رضي الله عنها.
ولما كانت هذه غزوة طار رعبها في الآفاق، وأذلت أهل الشرك من الأميين وغيرهم على الإطلاق، ونشرت ألوية النصر فخفقت أعلامها في جميع الآفاق، وأغمدت سيف الكفر وسلت صارم الإيمان
[ ص: 335 ] للرؤوس والأعناق، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو أبصر الناس بالحروب، وأنفذهم رأيا لما له من الثبات عند اشتداد الكروب:
nindex.php?page=hadith&LINKID=706794 "الآن نغزوهم ولا يغزونا" ، قال تعالى:
وأرضا لم تطئوها أي تغلبوا عليها بتهيئتكم [للغلبة] عليها وإعطائكم القوة القريبة من فتحها، وهي أرض خيبر أولا، ثم أرض
مكة ثانيا ثم أرض
فارس والروم وغيرهما مما فتحه الله بعد ذلك، وكان قد حكم به في هذه الغزوة حين أبرق تلك البرقات للنبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق، فأراه في الأولى
اليمن، وفي الأخرى
فارس، وفي الأخرى
الروم.
ولما كان ذلك أمرا باهرا سهله بقوله:
وكان الله أي أزلا وأبدا بما له من صفات الكمال
على كل شيء هذا وغيره
قديرا أي شامل القدرة.