صفحة جزء
ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر فإنه تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا [ ص: 370 ] على عقله. وهما أيضا مشهودان بالملائكة ودالان على الساعة: الثاني قربها بزوال الدنيا كلها، والأول على البعث بعد الموت، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى صلاتي الصبح والعصر، لأن المواظبة عليهما - لما أشير إليه من صعوبتهما بما يعتري في وقتيهما من الشغل بالراحة وغيرها - دالة على غاية المحبة للمثول بالحضرات الربانية حاملة على المواظبة على غيرهما من الصلوات وجميع الطاعات بطريق الأولى، ويؤكد هذا الثاني تعبيره بلفظ الصلاة في تعليل ذلك بدوتم ذكره لنا سبحانه بقوله: هو الذي يصلي عليكم أي بصفة الرحمانية متحننا، لأن المصلي منا يتعطف في الأركان وملائكته أي كلهم بالاستغفار لكم وحفظكم من كثير من المعاصي والآفات ويتردد بعضهم بينه سبحانه وبين الأنبياء بما ينزل إليهم من الذكر الحافظ من كل سوء فقد اشتركت الصلاتان في إظهار شرف المخاطبين.

ولما كان فعل الملائكة [منسوبا إليه] لأنه مع كونه الخالق له الآمر به قال: ليخرجكم أي بذلك من الظلمات [أي] الكائنة من الجهل الموجب للضلال إلى النور أي الناشئ من العلم المثمر للهدى، فيخرج بعضكم بالفعل من ظلمات المعاصي المقتضية للرين على القلب إلى نور الطاعات، فتكونوا بذلك مؤمنين وكان أي أزلا وأبدا بالمؤمنين أي الذين صار الإيمان لهم ثابتا [ ص: 371 ] [خاصة] رحيما أي بليغ الرحمة بتوفيقهم لفعل ما ترضاه الإلهية، فإنهم أهل خاصته فيحملهم على الإخلاص في الطاعات، فيرفع لهم الدرجات في روضات الجنات.

التالي السابق


الخدمات العلمية