ولما بين تعالى ما أعد لأعداء دينه في الدنيا، وبين أن طريقته جادة لا تنخرم، لما لها من قوانين الحكمة وأفانين الإتقان والعظمة، وكان من أعظم الطرق الحكمية والمغيبات العلمية الساعة، وكان قد [قدم ما يحرك إلى السؤال عنها في قوله:
لعنهم الله في الدنيا والآخرة وكان قد] مضى آخر السجدة أنهم سألوا استهزاء وتكذيبا عن تعيين وقتها، وهددهم سبحانه على هذا السؤال، قال تعالى مهددا أيضا على ذلك مبينا ما لأعداء الدين المستهزئين في الآخرة:
يسألك الناس أي: المشركون استهزاء منهم، وعبر بذلك إشارة إلى أنهم بعد في نوسهم لم يصلوا إلى أدنى أسنان أهل الإيمان، فكان المترددون في آرائهم لا يكادون ينفكون عن النوس وهو الاضطراب
عن الساعة أي: في تعيين وقتها.
[ ص: 416 ] ولما كانت إدامتهم السؤال عنها فعل من يظن أن غيره سبحانه يعلمها، أكد فقال:
قل أي: في جوابهم:
إنما علمها عند الله أي الذي أحاط علما بجميع الخلال، وله جميع أوصاف الجمال والجلال، فهو يعلم ما عند كل أحد ولا يعلم أحد شيئا مما عنده إلا بإذنه.
ولما كان من فوائد العلم بوقت الشيء التحرز عنه أو مدافعته، قال مشيرا إلى شدة خفائها بإخفائها عن أكمل خلقه مرجيا تقريبها تهديدا لهم:
وما يدريك أي أي شيء يعلمك بوقتها؟ ثم استأنف قوله:
لعل الساعة أي التي لا ساعة في الحقيقة غيرها لما لها من العجائب
تكون أي توجد وتحدث على وجه مهول عجيب
قريبا أي في زمن قريب، ويجوز أن يكون التذكير لأجل الوقت لأن السؤال عنها إنما هو سؤال عن تعيين وقتها، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الصحيح: إذا وصفت صفة المؤنث قلت: قريبة، وإذا جعلته ظرفا وبدلا ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث، وكذلك لفظها في [الواحد و] الاثنين والجمع للذكر والأنثى. والمراد بالتعبير بلعل أنها بحيث يرجو قربها من يرجوه ويخشاه [من يخشاه]، فهل أعد من يخشاها شيئا للمدافعة إذا جاءت أو النجاة منها إذا أقبلت؟