صفحة جزء
ولما كان قصد بعضهم بدعواه أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام على دينه إنما هو إضلال أهل الإسلام عقب ذلك بالإعراب عن مرادهم بقوله تعالى - جوابا لمن كأنه قال: فما كان مراد أهل الكتابين بدعواهم [ ص: 455 ] فيه مع علمهم أن ذلك مخالف لصريح العقل؟ ودت طائفة أي من شأنها أن تطوف حولكم طواف التابع المحب مكرا وخداعا من أهل الكتاب حسدا لكم لو يضلونكم بالرجوع إلى دينهم الذي يعلمون أنه قد نسخ وما أي والحال أنهم ما يضلون بذلك التمني أو الإضلال لو وقع إلا أنفسهم لأن كلا من تمنيهم وإضلالهم ضلال لهم مع أنهم لا يقدرون أن يضلوا من هداه الله، فمن تابعهم على ضلالهم فإنما أضله الله وما يشعرون أي وليس يتجدد لهم في وقت من الأوقات نوع شعور، فكيدهم لا يتعداهم فقد جمعوا بين الضلال والجهل، إما حقيقة لبغضهم وإما لأنهم لما عملوا بغير ما يعلمون عد علمهم جهلا وعدوا هم بهائم، فكانت هذه الجملة على غاية التناسب، لأن أهم شيء في حق من رمى بباطل - إنما غلبة الرامي ليتعاظم بأنه شأنه - بيان إبطاله في دعواه، ثم تبكيته المتضمن لبراءة المقذوف، ثم التصريح ببراءته، ثم بيان من هو أولى بالكون من حربه، ثم بيان المراد من تلك الدعوى الكاذبة ليحذر غائلتها السامع.

التالي السابق


الخدمات العلمية