ولما نفى موجب الطعن، ذكر المانع الموجب للإذعان فقال:
[ ص: 528 ] وكذب أي فعلوا ما فعلوا، الحال أنه قد كذب
الذين من قبلهم أي من قوم
نوح ومن بعدهم بادروا إلى ما بادر إليه هؤلاء، لأن التكذيب كان في طباعهم لما عندهم من الجلافة والكبر
وما بلغوا أي هؤلاء
معشار ما آتيناهم أي عشرا صغيرا مما آتينا أولئك من القوة في الأبدان والأموال والمكنة [في كل شيء] من العقول وطول الأعمار والخلو من الشواغل
فكذبوا [أي] بسبب ما طبعوا عليه من العناد، [وأفرد الضمير كما هو حقه ونصا على أن النون فيما مضى للعظمة لا للجمع دفعا لتعنت متعنت فقال]:
رسلي
ولما كان اجتراؤهم على الرسل سبب إهلاكهم على أوجه عجيبة، صارت مثلا مضروبا باقيا إلى يوم القيامة ولم يغن عنهم في دفع النقم ما بسط لهم من النعم، كان موضع أن يقال لرائيه أو لسامعه:
فكيف كان نكير [أي فيما كان له من الشدة التي هي كالجبلة] أي إنكاري على المكذبين لرسلي، ليكون السؤال تنبيها لهذا المسؤول وداعيا له إلى الإذعان خوفا من أن يحل به ما حل بهم أن فعل مثل ما فعلهم [سواء كان الإنكار في أدنى الوجوه كما أوقعناه سببا من تعطيل الأسباب، أو أعلاها كما أنزلنا بقوم
نوح عليه السلام ومن شاكلهم
[ ص: 529 ] وصب العذاب والاستئصال الوحي بالمصاب على ما أشارت إليه قراءتا حذف الياء وإثباتها].