ولما أشعر هذا الختام باليوم الموعود؛ وهو الأصل الثابت؛ قال - مهددا به؛ محذرا منه -:
يا أيها الناس ؛ أي: الذين عندهم أهلية
[ ص: 11 ] للتحرك إلى النظر؛ ولما كانوا ينكرون البعث؛ أكد قوله:
إن وعد الله ؛ أي: الذي له صفات الكمال؛ وهو منزه عن كل شائبة نقص؛ فهو لا يجوز عليه في مجاري العادات؛ للغنى المطلق؛ أن يخلف الميعاد؛
حق ؛ أي: بكل ما وعد به؛ من البعث؛ وغيره؛ وقد وعد أنه يردكم إليه في يوم تنقطع فيه الأسباب؛ ويعرض عن الأحساب والأنساب؛ ليحكم بينكم بالعدل؛ ثم سبب عن كونه حقا قوله - على وجه التأكيد؛ لأجل الإنكار أيضا -:
فلا تغرنكم ؛ أي: بأنواع الخدع؛ من اللهو؛ والزينة؛ غرورا مستمر التجدد؛
الحياة الدنيا ؛ فإنه لا يليق بذي همة علية اتباع الدنيء؛ والرضا بالدون الزائل عن العالي الدائم؛
ولا يغرنكم بالله ؛ أي: الذي لا يخلف الميعاد وهو الكبير المتعالي؛
الغرور ؛ أي: الذي لا يصدق في شيء وهو الشيطان العدو؛ ولذلك استأنف قوله - مظهرا في موضع الإضمار؛ للتنفير بمدلول الوصف؛ قبل التذكير بالعداوة؛ ووخامة العاقبة فيما يدعو إليه؛ مؤكدا لأن أفعال المشايعين له؛ بما يمنيهم به - من نحو: إن ربكم حليم؛ لا يتعاظمه ذنب؛ مع الإصرار على المعصية - أفعال المتعقدين لمصادقته -: