ولما أنهى البيان في غرض الشيطان إلى منتهاه؛ نبه على ما حكم به هو - سبحانه - في أشياعه؛ بقوله - مستأنفا -:
الذين كفروا ؛ أي: غطوا؛
[ ص: 13 ] بالاتباع له بالهوى؛ ما دلتهم عليه عقولهم؛ وكشفه لهم غاية الكشف هذا البيان العزيز؛
لهم عذاب شديد ؛ أي: في الدنيا؛ بفوات غالب ما يؤملون؛ مع تفرقة قلوبهم؛ وانسداد بصائرهم؛ وسفالة هممهم - حتى إنهم رضوا أن يكون إلههم حجرا -؛ وانحجاب المعارف - التي لا لذاذة في الحقيقة غيرها - عنهم؛ وفي الآخرة بالسعير؛ التي دعاهم إلى صحبتها.
ولما ذكر جزاء حزبه؛ اتبعه حزب الله؛ الذين عادوا عدوهم؛ فقال:
والذين آمنوا وعملوا ؛ أي: تصديقا لإيمانهم؛
الصالحات ؛ ولما كان
من أعظم مصايد الشيطان ما يعرض للإنسان - خطأ؛ وجهلا - من العصيان؛ لما له من النقصان؛ ليجره بذلك إلى العمد؛ والعدوان؛ قال (تعالى) - داعيا له إلى طاعته؛ وإزالة لخجلته -:
لهم مغفرة ؛ أي: ستر لذنوبهم؛ بحيث لا عقاب؛ ولا عتاب؛ وذلك معجل في هذه الدار؛ ولولا ذلك لافتضحوا؛ وغدا؛ ولولا ذلك لهلكوا؛ ولما محاها عينا وأثرا؛ أثبت الإنعام؛ فقال:
وأجر كبير ؛ أي: يجل عن الوصف؛ بغير هذا الإجمال؛ فمنه عاجل - بسهولة العبادة؛ ودوام المعرفة؛ وما يرونه في القلوب من وراء اليقين -؛ وآجل؛ بتحقيق المسؤول؛ من عظيم المنة؛ ونيل ما فوق المأمول في الجنة.