صفحة جزء
ثم وصفوه بما هو شكر له؛ فقالوا: الذي أحلنا دار المقامة ؛ أي: الإقامة؛ ومكانها وزمانها؛ التي لا يريد النازل بها - على كثرة النازلين بها - ارتحالا منها؛ ولا يراد به ذلك؛ ولا شيء فيها يزول فيؤسف عليه.

ولما كان المالك المطلق لا يجب عليه شيء؛ ولا استحقاق لمملوكه عليه بوجه؛ قال: من فضله ؛ أي: بلا عمل منا؛ فإن حسناتنا إنما كانت منا منه - سبحانه -؛ لو لم يبعثنا عليها؛ وييسرها لنا؛ لما كانت. [ ص: 61 ] ولما تذكروا ما شاهدوه في عرصات القيامة من تلك الكروب؛ والأهوال؛ والأنكاد؛ والأثقال؛ التي أشار إليها قوله (تعالى): وإن تدع مثقلة إلى حملها ؛ الآية؛ استأنفوا قولهم في وصف دار القرار: لا يمسنا ؛ أي: في وقت من الأوقات؛ فيها نصب ؛ أي: نصب بدن؛ ولا وجع؛ ولا شيء؛ ولا يمسنا فيها لغوب ؛ أي: كلال؛ وتعب؛ وإعياء؛ وفتور نفس من شيء من الأشياء؛ قال أبو حيان : "وهو لازم عن تعب البدن"؛ فهي الجديرة لعمري بأن يقال فيها:


صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء



التالي السابق


الخدمات العلمية