[ ص: 65 ] ولما كان - سبحانه - عالما بما نفى؛ وما أثبت؛ علل ذلك؛ مقررا سبب دوام عذابهم؛ وأنه بقدر كفرانهم - كما قال (تعالى):
وجزاء سيئة سيئة مثلها -؛ بقوله - مؤكدا؛ إشارة إلى أنه لا يجب تمرين النفس عليه؛ لما له من الصعوبة؛ لوقوف النفس مع المحسوسات -:
إن الله ؛ أي: الذي أحاط بكل شيء قدرة؛ وعلما؛
عالم غيب ؛ ولما كانت جهة العلو أعرق في الغيب؛ قال:
السماوات والأرض ؛ فأنتج ذلك قوله - مؤكدا؛ لأنه من أعجب الغيب؛ لأنه كثيرا ما يخفى على الإنسان ما في نفسه؛ والله (تعالى) عالم به؛ أو هو تعليل لما قبله -:
إنه عليم ؛ أي: بالغ العلم؛
بذات الصدور ؛ أي: قبل أن يعلمها أربابها؛ حين تكون غيبا محضا؛ فهو يعلم أنكم لو مدت أعماركم لم ترجعوا عن الكفر أبدا؛ ولو رددتم لعدتم لما نهيتم عنه؛ وأنه لا مطمع في صلاحكم؛ ولذلك يأمر الملك أن يكتب عند نفخ الروح في الولد أنه إما شقي؛ أو سعيد ؛ قبل أن يكون له خاطر أصلا؛ وربما كان في غاية ما يكون من الإقبال على الخير فعلا ونية؛ ثم يختم له بشر؛ وربما كان على خلاف ذلك في غاية الفساد؛ لا يدع شركا ولا غيره من المعاصي حتى يرتكبها؛ وهو عند الله سعيد ؛ لما يعلم من نيته بعد ذلك؛ حين يقبل بقلبه عليه؛ فيختم له بخير؛
[ ص: 66 ] فيكون من أهل الجنة؛ وأما الخواطر بعد وجودها في القلوب؛ فقد يطلع عليها الملك؛ والشيطان.