ولما بين سبحانه وتعالى فيما مضى أن
التولي عن الرسل كفر، وذكر كثيرا من الرسل فخص في ذكرهم وعمم، ذكر قانونا كليا لمعرفة الرسول عنه سبحانه وتعالى والتمييز بينه وبين الكاذب فقال عاطفا على
إذ أنتم مسلمون وإذ أخذ الله أي الذي له الكمال كله
ميثاق النبيين أي كافة، والمعنى: ما كان له أن يقول ذلك بعد
[ ص: 470 ] الإنعام عليكم بالإسلام والإنعام عليه بأخذ الميثاق على الناس - الأنبياء وغيرهم - بأن يؤمنوا به إذا أتاهم، فيكون بذلك الفعل مكفرا لغيره وكافرا بنعمة ربه، وهذا معنى قوله:
لما أي فقال لهم الله: لما
آتيتكم وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : آتيناكم، أوفق لسياق الجلالة - قاله الجعبري
من كتاب وحكمة أي أمرتكم بها بشرع من الشرائع، فأمرتم بذلك من أرسلتم إليه
ثم جاءكم رسول أي من عندي، ثم وصفه بما يعلم أنه من عنده فقال:
مصدق لما معكم أي من ذلك الكتاب والحكمة
لتؤمنن به أي أنتم وأممكم
ولتنصرنه أي على من يخالفه، فكأنه قيل: إن هذا الميثاق عظيم، فقيل: إن، زاد في تأكيده اهتماما به فقال:
قال أأقررتم أي يا معشر النبيين
وأخذتم على ذلكم أي العهد المعظم بالإشارة بأداة البعد وميم الجمع
إصري أي عهدي، سمي بذلك لما فيه من الثقل، فإنه يشد في نفسه بالتوثيق والتوثق، ويشتد بعد كونه على النفوس لما لها من النزوع إلى الإطلاق عن
[ ص: 471 ] عهد التقيد بنوع من القيود، فكأنه قيل: ما قالوا؟ فقيل:
قالوا أقررنا أي بذلك، فقيل: ما قال؟ فقيل
قال فاشهدوا أي يا أنبياء! بعضكم على بعض، أو يا ملائكة! عليهم
وأنا معكم من الشاهدين فمن أي فتسبب عنه أنه من
تولى أي منكم أو من أممكم الذي بلغهم ذلك عن نصرة نبي موصوف بما ذكر.
ولما كان المستحق لغاية الذم إنما هو من اتصل توليه بالموت لم يقرن الظرف بجار فقال:
بعد ذلك أي الميثاق البعيد الرتبة بما فيه من الوثاقة
فأولئك أي البعداء من خصال الخير
هم الفاسقون أي المختصون بالخروج العظيم عن دائرة الحق.