ولما أقام الأدلة؛ ولم يبق لأحد تخلف عنه علة؛ صرح بما لوح
[ ص: 113 ] إليه من إيمانه؛ فقال - مظهرا لسروره بالتأكيد؛ وقاطعا لما يظنونه من أنه لا يجترئ على مقاطعتهم كلهم بمخالفتهم في أصل الدين -:
إني آمنت ؛ أي: أوقعت التصديق؛ الذي لا تصديق في الحقيقة غيره؛ بالرسل؛ مؤمنا لهم من أن أدخل عليهم نوع تشويش من تكذيب أو غيره؛ ولما أرشدهم بعموم الرحمانية تلويحا؛ صرح لهم بما يلزمهم شكره من خصوص الربوبية؛ فقال:
بربكم ؛ أي: بسبب الذي لا إحسان عندكم إلا منه؛ قد نسيتم ما له لديكم من الربوبية؛ والرحمانية؛ والإبداع؛ وزاد في مصارحتهم؛ إظهارا لعدم المبالاة بهم؛ بقوله:
فاسمعون ؛ أي: سماعا إن شئتم أشعتموه؛ وإن شئتم كتمتموه - بما دل عليه حذف الياء؛ وإثباتها؛ فلا تقولوا بعد ذلك: ما سمعناه؛ ولو سمعناه لفعلنا به؛ فوثبوا إليه وثبة رجل واحد؛ فقتلوه؛ وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مثل صاحب "يـس"؛ هذا؛ في هذه الأمة؛
عروة بن مسعود الثقفي؛ حيث بادى قومه الإسلام؛ ونادى على عليته بالأذان؛ فرموه بالسهام؛ فقتلوه.