[ ص: 127 ] ولما كان السياق لإثبات الوحدانية؛ والإعلام بأن ما عبد من دونه لا استحقاق له في ذلك بوجه؛ ولا نفع بيده؛ ولا ضر؛ وأنتج هذا السياق - بما دل عليه من تفرده بكل كمال؛ وأنه لا أمر لأحد معه بوجه من الوجوه - تنزهه عما ادعوه من الشرك؛ غاية التنزه؛ قال - لافتا للكلام عن مظهر العظمة؛ لأن إثباتها بالرحمة الدال عليها أدخل في التعظيم -:
سبحان الذي ؛ ووصفه بما أكد ما مضى؛ من إسناد الأمور كلها إليه؛ ونفي كل شيء منها عمن سواه؛ فقال:
خلق الأزواج ؛ أي: الأنواع المتشاكلة المتباينة في الأوصاف؛ وفي الطعوم؛ والأراييح؛ والأشكال؛ والهيئات؛ والطبائع؛ وغير ذلك من أمور لا يحصيها إلا الله؛ تدل أعظم دلالة على كمال القدرة؛ وعظيم الحكمة؛ والاختيار في الإرادة؛ وأكد بقوله:
كلها ؛ لإفادة التعميم; ثم زاد الأمر تصريحا بالبيان بقوله:
مما تنبت الأرض ؛ فدخل فيه كل نجم؛ وشجر؛ ومعدن؛ وغيره من كل ما يتولد منها؛ وأشار - لكونه في سياق تكذيبهم - إلى تأديبهم؛ بتحقيرهم بجمع القلة؛ والتعبير بالنفس؛ التي تطلق في الغالب على ما يذم به؛ فقال:
ومن أنفسهم ؛ وبين أن وراء ذلك أمورا لا يعلمها إلا هو - سبحانه -؛ فقال:
ومما لا يعلمون ؛ أي: ومما لا يحتاجون إليه
[ ص: 128 ] في دينهم؛ ولا دنياهم؛ ولا توقف لشيء من إصلاح المعاش؛ والمعاد عليه؛ ولو كان ذلك لأعلم به؛ كما أعلم بأحوال الآخرة؛ وغيرها مما لم نكن نعلمه.