[ ص: 176 ] ولما بين ما بين من قدرته الباهرة؛ وعظمته الظاهرة؛ ووهى أمرهم في الدنيا؛ والآخرة؛ وكان قد تقدم ما لوح إلى أنهم نسبوه - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعر؛ وصرح باستهزائهم بالوعد؛ مع ما قبل ذلك من تكذيبهم؛ وإجابتهم للمؤمنين؛ من تسفيههم؛ وتضليلهم؛ سبب عن ذلك بعدما نفى عنهم النصرة قوله - تسلية له - صلى الله عليه وسلم -:
فلا يحزنك ؛ قراءة الجماعة بفتح الياء؛ وضم الزاي؛ ومعناه: "يجعل فيك"؛ وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع بضم الياء؛ وكسر الزاي؛ تدل على أن المنهي عنه إنما هو كثرة الحزن؛ والاستغراق فيه؛ لا ما يعرض من طبع البشر من أصله؛ فإن معنى "أحزن فلانا كذا"؛ أي: جعله حزينا؛
قولهم ؛ أي: الذي قدمناه؛ تلويحا؛ وتصريحا؛ وغير ذلك؛ فيك؛ وفينا؛ ولما كان علم القادر بما يعمل عدوه سببا لأخذه؛ علل ذلك بقوله - مهددا بمظهر العظمة -:
إنا نعلم ما ؛ أي: كل ما؛
يسرون ؛ أي: يجددون إسراره؛
وما يعلنون ؛ أي: فنحن نجعل ما يسببونه لأذاك سببا لأذاهم؛ ونفعك؛ إلى أن يصيروا في قبضتك؛ وتحت قهرك؛ وقدرتك.