صفحة جزء
ولما كان مرادهم بذلك أن كلامه باطل؛ فإن أكثر كلام الشاعر غلو وكذب؛ وكلام المجنون تخليط؛ كان كأنه قال في جوابهم: إنه لم يجئ بشعر؛ ولا بجنون؛ بل جاء بالحق ؛ أي: الكامل في الحقية.

ولما كان ما جاء به أهلا لكونه حقا لأن يقبل؛ وإن خالف جميع أهل الأرض؛ وكان موافقا مع ذلك لمن تقرر صدقهم؛ واشتهر اتباع الناس لهم؛ فكان أهلا لأن يقبله هؤلاء الذين أنزلوا أنفسهم عن أوج معرفة الرجال بالحق؛ إلى حضيض معرفة الحق؛ على زعمهم بالرجال؛ فكان مآل أمرهم التقليد؛ قال: وصدق المرسلين ؛ أي: الذين علم كل ذي لب أنهم أكمل بدور أضاء الله بهم الأكوان في كل أوان؛ وتقدم في آخر سورة "فاطر"؛ أنهم عابوا من كذبهم؛ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم أحد منهم ليؤمنن به؛ فكذبوا؛ بأن كذبوا سيدهم بهذا الكلام المتناقض.

التالي السابق


الخدمات العلمية