ولما أتم - سبحانه؛ وعز شأنه - البراهين؛ وأحكم الدلائل عقلا وسمعا؛ ولم يبق لمتعنت شبهة؛ ولم يبادروا الإذعان؛ بل زادوا في الطغيان؛ وكادوا أن يوقعوا الضراب والطعان بين أهل الإيمان؛ أعرض - سبحانه وتعالى - عن خطابهم؛ إيذانا بشديد الغضب؛ ورابع الانتقام؛ فقال - سبحانه وتعالى - مخاطبا لرسوله؛ الذي يكون قتلهم على يده:
قل ؛ وأثبت أداة دالة على بعدهم عن الحضرة القدسية؛ فقال:
يا أهل الكتاب ؛ أي: من الفريقين؛
لم تكفرون ؛ أي: توقعون الكفر؛
بآيات الله ؛ أي: وهي - لكونه الحائز بجميع الكمال - البينات؛ نقلا وعقلا؛ الدالة على أنكم على الباطل؛ لما وضح من أنكم على غير ملة
إبراهيم - عليه الصلاة والسلام.
ولما كان كفرهم ظاهرا ذكر شهادته (تعالى) ؛ فقال مهددا:
والله ؛ أي: "والحال أن الله - الذي هو محيط بكل شيء قدرة وعلما؛ فلا إله غيره؛ وقد أشركتم به -؛
شهيد على ؛ كل؛
ما تعملون ؛ أي: لكونه يعلم
[ ص: 11 ] - سبحانه - السر وأخفى؛ وإن حرفتم وأسررتم"؛