ولما حذرهم منهم عظم عليهم طاعتهم بالإنكار؛ والتعجيب من ذلك؛ مع ما هم عليه؛ بعد اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ من الأحوال الشريفة؛ فقال - عاطفا على ما تقديره: "فكيف تطيعونهم وأنتم تعلمون عداوتهم؟" -:
وكيف تكفرون ؛ أي: يقع منكم ذلك في وقت من الأوقات؛ على حال من الأحوال؛
وأنتم تتلى ؛ أي: تواصل بالقراءة؛
عليكم آيات الله ؛ أي: علامات الملك الأعظم؛ البينات؛
وفيكم رسوله ؛ الهادي من الضلالة؛ المنقذ من الجهالة؛ فتكونون قد جمعتم إلى موافقة العدو؛ مخالفة الولي؛ وأنتم بعينه؛ وفيكم أمينه؛
ومن ؛ أي: "والحال أنه من"؛
يعتصم ؛ أي: "يجهد نفسه في ربط أموره"؛
بالله ؛ المحيط بكل شيء علما؛ وقدرة؛ في جميع أحواله؛ كائنا من كان؛ ولما
[ ص: 15 ] كان من قصر نفسه على من له الكمال كله متوقعا للفلاح؛ عبر بأداة التوقع مقرونة؛ بفاء السبب؛ فقال:
فقد هدي ؛ وعبر بالمجهول على طريقة كلام القادرين؛
إلى صراط مستقيم