[ ص: 311 ] ولما كان من المعلوم أن هذا الاستفتاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع امتثالا للأمر المصدر به؛ وبطل بهذه الجملة قدرتهم؛ وقدرة معبوداتهم التي يدعون لها بعض القدرة؛ قال - مؤكدا لذلك؛ ومبطلا لقدرة المخلصين أيضا؛ عطفا على
فإنكم وما تعبدون -:
وما منا ؛ أي: نحن؛ وأنتم؛ ومعبوداتكم؛ وغير ذلك أحد؛
إلا له مقام معلوم ؛ قد قدره الله (تعالى) في الأزل؛ ثم أعلم الملائكة بما أراد منه؛ فلا يقدر أحد من الخلق على أن يتجاوز ما أقامه فيه - سبحانه - نوع مجاوزة؛ فلكل من الملائكة مقام معروف لا يتعداه؛ والأولياء لهم مقام مستور بينهم وبين الله؛ لا يطلع عليه أحد؛ والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - لهم مقام مشهور؛ مؤيد بالمعجزات الظاهرة؛ لأنهم للخلق قدوة؛ فأمرهم على
[ ص: 312 ] الشهرة؛ وأمر الأولياء على السترة؛ قاله
القشيري؛ وغير المذكورين من أهل السعادة؛ لهم مقام في الشقاوة معلوم عند الله (تعالى) ؛ وعند من أطلعه عليه من عباده.