ولما قدم ما لأهل الكتاب المقدمين على الكفر؛ على علم يوم القيامة؛ في قوله
إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ؛ وختم تلك الآية بأنهم لهم عذاب أليم؛ واستمر حتى ختم هذه الآية بأنه مع ذلك عظيم; بين ذلك اليوم بقوله - بادئا بما هو أنكى لهم من تنعيم أضدادهم -:
يوم تبيض وجوه ؛ أي: بما لها من المآثر الحسنة؛
وتسود وجوه ؛ بما عليها من الجرائر السيئة؛
فأما الذين اسودت وجوههم [ ص: 22 ] بدأ بهم لأن النشر المشوش أفصح؛ ولأن المقام للترهيب؛ وزيادة النكاية لأهله؛ فيقال لهم - توبيخا؛ وتقريعا -:
أكفرتم ؛ يا سود الوجوه؛ وعبيد الشهوات!
بعد إيمانكم ؛ بما جبلتم عليه من الفطر السليمة؛ ومكنتم به من العقول المستقيمة؛ من النظر في الدلائل؛ ثم بما أخذ عليكم أنبياؤكم من العهود؛
فذوقوا العذاب ؛ أي: الأليم العظيم؛
بما كنتم تكفرون ؛ وأنتم تعلمون؛ فإنكم في لعنة الله ماكثون؛