ولما كان الإنسان؛ وإن أطال التدبر؛ وأقبل بكليته على التذكر؛ لا بد له من نسيان؛ وغفلة؛ وذهول؛ ولما كان الممدوح إنما هو الرجاع:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688581 "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم"؛ وكان الله (تعالى) هو الملك الذي لا شريك له؛ والمالك الذي له الملك كله؛ فهو يرفع
[ ص: 377 ] من يشاء؛ ممن لا يخطر في وهم أن يرتفع؛ ويخفض من يشاء؛ ممن علا في الملك حتى لا يقع في خاطر أنه يحصل له خلل؛ ولا سيما إن كان على أعلى خلال الطاعة؛ ليبين لكل ذي لب أن الفاعل لذلك هو الفاعل المختار؛ فلا يزال خيره مرجوا؛ وانتقامه مرهوبا مخشيا؛ قال (تعالى):
ووهبنا ؛ أي: بما لنا من الحكمة والعظمة؛
لداود سليمان ؛ فجاء عديم النظير في ذلك الزمان؛ دينا؛ ودنيا؛ وعلما؛ وحكمة؛ وحلما؛ وعظمة؛ ورحمة؛ ولذلك نبه على أمثال هذه المعاني باستئناف الإخبار عما حرك النفس إلى السؤال عنها؛ من إسناد الهبة إلى نون العظمة؛ فقال:
نعم العبد ؛ ولما كان السياق لسرعة الانتباه من الغفلات؛ والتفضي من الهفوات؛ والتوبة من الزلات؛ وبيان أن الابتلاء ليس منحصرا في العقوبات؛ بل قد يكون لرفعة الدرجات؛ وكان هذا بعيدا من العادات؛ علل مدحه؛ مؤكدا له بقوله:
إنه أواب ؛ أي: رجاع إلى الازدياد من الاجتهاد في المبالغة في الشكر؛ والصبر على الضر؛ كلما علا من مقام؛ بالاستغفار منه؛ وعده مع ما له من الكمال مما يرغب عنه.