وفسر الإنابة؛ ليعلم أنه (تعالى) فتنه مع أنه عبد عظيم المنزلة؛ مجاب الدعوة؛ بقوله - جوابا لمن سأل عنها -:
قال رب ؛ أي: أيها المحسن إلي؛
اغفر لي ؛ أي: الأمر الذي كانت الإنابة بسببه؛ ولما قدم أمر الآخرة؛ أتبعه قوله:
وهب لي ؛ أي: بخصوصي؛
ملكا لا ينبغي ؛ أي: لا يوجد طلبه وجودا تحصل معه المطاوعة والتسهل
لأحد ؛ في زمان ما؛ طال أو قصر؛ سواء كان كاملا في الصورة؛ والمعنى؛ أو جسدا خاليا عن العز؛ كما حصلت به الفتنة من قبل؛ وبعض الزمان بذكر الجار؛ فقال:
من بعدي ؛ حتى أتمكن من كل ما أريد من التقرب
[ ص: 384 ] إليك؛ وجهاد من عاداك؛ ويكون ذلك أمارة لي على قبول توبتي؛ ولا تحصل لي فتنة بإلقاء شيء على مكان حكمي؛ ولا غيره؛ وهذا يشعر بأن الفتنة كانت في الملك؛ وكذا ذكر الإلقاء على الكرسي؛ مضافا إليه؛ من غير أن ينسب إليه هو - صلى الله عليه وسلم - شيء؛ وهو مناسب لعقر الخيل؛ الذي هو إذهاب ما به العز؛ والله أعلم؛ وبهذا التقدير علم أنه لو ذكر الظرف من غير حرف؛ لأوهم تقيد الدعوة بملك يستغرق الزمان الذي بعده؛ ثم علل ما طلبه من الإعطاء والمنع بقوله - على سبيل التأكيد؛ إسقاطا لما غلب على النفوس من رؤية الأسباب -:
إنك أنت ؛ أي: وحدك؛
الوهاب ؛ أي: العظيم المواهب؛ مع التكرار؛ كلما أردت؛ فتعطي بسبب؛ وبغير سبب من تشاء؛ وتمنع من تشاء.