ولما أتى بكلام الضعفاء مضارعا على الأصل، وإشارة مع تصوير الحال لأنه أقطع إلى طول خصامهم لأنه أشد في إيلامهم، فتشوف السامع إلى جوابهم، استأنف الخبر عنه بصيغة الماضي تأكيدا لتحقيق وقوعه ردا قد يتوهمه الضعيف من [أن] المستكبر له قوة المدافعة وإباء الأنفة فقال:
قال الذين استكبروا [أي]: من شدة ما هم فيه. ولما كان الأتباع قد ظنوا أن المتبوعين يغنون عنهم، أكدوا إخبارهم لهم بما ينافي ذلك فقالوا:
إنا كل أي: كلنا كائنون
فيها أي: النار، كل يناله من العذاب بقدر ما يستحقه [سواء] إن
[ ص: 84 ] جادلتمونا أو تركتم جدالنا ولا يظلم ربك أحدا، فلو قدرنا على شيء لأغنينا عن أنفسنا، ولو سألنا أن نزاد أو ننقص لما أجبنا، فإن هذه دار العدل فاتركونا وما نحن فيه.
ولما كان حكم الله تعالى مانعا مما كان يفعل في الدنيا من فك المجرم وإيثاق غيره به، وكان سؤالهم في الإغناء سؤال من يجوز أن يكون حكمه على ما عليه الأحكام من حكام أهل الدنيا، عللوا جوابهم مؤكدين فقالوا:
إن الله أي: المحيط بأوصاف الكمال
قد حكم بين العباد أي: بالعدل، فأدخل أهل الجنة دارهم، وأهل النار نارهم، فلا يغني أحد عن أحد شيئا.