ثم وصف المتقين بما تضمن تفصيل الطاعة المأمور بها قبل إجمالا؛ على وجه معرف بأسباب النصر؛ إلى آخر ما قص من خبر الأنبياء الماضين؛ ومن معهم من المؤمنين؛ بادئا بما هو أشق الأشياء؛ ولا سيما في ذلك الزمان؛ من التبر؛ ومن المال؛ الذي هو عديل الروح؛ فقال:
الذين ينفقون ؛ أي: مما آتاهم الله؛ وهو تعريض بمن أقبل على الغنيمة؛
في السراء والضراء ؛ أي: في مرضاة الله؛ في حال الشدة والرخاء؛ ولما ذكر أشق ما يترك ويبذل؛ أتبعه أشق ما يحبس؛ فقال:
والكاظمين ؛ أي: الحابسين؛
الغيظ ؛ عن
[ ص: 74 ] أن ينفذوه؛ بعد أن امتلؤوا منه.
ولما كان الكاظم غيظه عن أن يتجاوز في العقوبة؛ قد لا يعفو؛ حثه على العفو؛ بقوله:
والعافين ؛ وعمم في الحكم؛ بقوله:
عن الناس ؛ أي: ظلمهم لهم؛ ولو كانوا قد قتلوا منهم؛ أو جرحوهم؛ ولما كان التقدير: "فإن الله يحبهم؛ لإحسانهم"؛ عطف عليه - تنويها بدرجة الإحسان - قوله:
والله ؛ أي: الذي له صفات الكمال؛
يحب المحسنين ؛ أي: يكرمهم بأنواع الإكرام؛ على سبيل التجديد؛ والاستمرار.