ولما كان ذكر المعصية وما جرأ عليها يقتضي انتقاصا يقدح في الإلهية، بين أنه الموجب للغضب فقال:
وذلكم أي: الأمر العظيم في القباحة، ثم بينه بقوله:
ظنكم أي: الفاسد، ووصفه بقوله:
الذي ظننتم بربكم أي: الذي طال إحسانه إليكم من أنه لا يعلم حالكم، ثم أخبر عنه بقوله:
أرداكم أي: تسبب عنه خاصة أنه أهلككم. وأما معاصي الجوارح مع التوحيد والتنزيه فأمرها أسهل، والحاصل أن كل ظن كان غير مأذون فيه من الشارع فهو يردي صاحبه.
ولما كان الصباح محل رجاء الأفراح، فكان شر الأتراح ما كان فيه، قال:
فأصبحتم أي: بسبب أن ما أعطيتموه من النعم لتستنقذوا به أنفسكم من الهلاك كان سبب هلاككم
من الخاسرين أي: العريقين في الخسارة، المحكوم بخسارتهم في جميع ذلك اليوم، وصوره بأقبح صورة وهو الصباح، فالمعنى أنه إذا صار حالكم حال من أصبح كذلك لم يكن للربح وقت يتدارك فيه بخلاف ما لو وجد ذلك عن المساء فإنه
[ ص: 174 ] كان ينتظر الصباح للسعي في الربح، ويوم القيامة لا يوم بعده يسعى فيه للربح، فينبغي للمؤمن أن يكون حال خلوته أشد ما يكون هيبة لله.