ولما أبلغ سبحانه في الترهيب من عقابهم، زاد في تعظيمه وفضله لطفا لمن أراد هدايته من عباده وإقامة الحجة على غيرهم فقال:
[ ص: 180 ] ذلك أي: الجزاء الأسوأ العظيم جدا
جزاء ولما كانت عداوة من لا يطاق أمرا زائد العظمة، نبه على ذلك بصرف الكلام عن مظهرها إلى أعظم منه فقال:
أعداء الله أي: الملك الأعظم، لأنهم ما كانوا يفعلون ما دون الأسوأ إلا عجزا عنه لأن جبلتهم تقتضي ذلك، وبينه بقوله:
النار وفصل بعض ما فيها بقوله:
لهم فيها أي: النار
دار الخلد أي: المحل المحيط بهم الدائر من غير علم من زاوية أو غيرها يعرف به خصوص موضع منه، مع إيذانه بالدوام واللزوم وعدم الانفكاك، أو هو على التجريد بمعنى: هي لهم دار خلود كما كان لهم في الدنيا دار سرور بمعنى أنها كانت لهم نفسها دار لهو وغرور.
ولما كانوا على أعمالهم التي استحقوا بها هذا العذاب مصرين إصرارا يمتنع انفكاكهم عنه، زاد حسنا قوله:
جزاء أي: وفاقا
بما كانوا أي: جبلة وطبعا، ورد الكلام إلى مظهر العظمة المقتضي للنكال فقال:
بآياتنا أي: على ما لها من العظمة
يجحدون أي: ينكرون عنادا من غير مراعاة لعلوها في نفسها ولا علوها بنسبتها إلينا، فلأجل جحودهم كانوا يقدمون على ما لا يرضاه عاقل من اللهو وغيره.