ولما انتهزت هذه الفرصة، وسوغ ذكرها ما أثره سوء اعتقادهم من عظيم الغصة، شرع في إكمال ما يقتضيه الحال من الأوصاف، فقال عائدا إلى أسلوب العزة والعلم للإيماء إلى
الحث على تأمل الدليل على بعث الأموات بانتشار الموات معيدا للعاطف تنبيها على كمال ذلك الوصف الموجب لتحقيق مقصود السورة من القدرة على ردهم بعد صدهم:
والذي خلق الأزواج أي الأصناف المتشاكلة التي لا يكمل شيء منها غاية الكمال إلا بالآخر على ما دبره سبحانه في نظم هذا الوجود
كلها من النبات والحيوان، وغير ذلك من سائر الأكوان، لم يشاركه في شيء منها أحد.
ولما ذكر الأزواج، وكان المتبادر إلى الذهن إطلاقها على ما هو من نوع واحد، دل على أن المراد ما هو أعم، فقال ذاكرا ما تشاكل في الحمل وتباين في الجسم:
وجعل لكم لا لغيركم فاشكروه
من الفلك أي السفن العظام في البحر
والأنعام في البر
ما تركبون وحذف العائد لفهم المعنى تغليبا للمتعدي بنفسه في الأنعام على المتعدي بواسطة في الفلك.