ولما ذكر سبحانه وتعالى صفة الربوبية، ذكر بعض آثارها وما
[ ص: 75 ] فيها من آياته، فقال مستأنفا دالا على عظمتها بالاسم الأعظم:
الله أي: الملك الأعلى المحيط بجميع صفات الكمال. ولما كان آخر الآيات التي قدمها الرياح، ذكر ما يتصرف بتسييرها فقال:
الذي سخر أي: وحده من غير حول منكم في ذلك بوجه من الوجوه
لكم أيها الناس بربكم وفاجركم
البحر بما جعل فيه مما لا يقدر عليه إلا واحد لا شريك له فاعل بالاختيار من القابلية للسير فيه بالرقة والليونة والاستواء مع الريح الموافقة وأنه يطفو عليه ما كان من الخشب مع ما علم من صنعته على هذا الوجه الذي تم به المراد
لتجري الفلك أي السفن
فيه بأمره ولو كانت موقرة بأثقال الحديد الذي يغوص فيه أخف شيء منه كالإبرة وما دونها.
ولما كان التقدير: لتعتبروا بذلك فتعلموا أنه بقدرته خاصة لتؤمنوا به، عطف عليه قوله:
ولتبتغوا أي: تطلبوا بشهوة نفس واجتهاد بما تحملون فيه من البضائع وتتوصلون إليه من الأماكن والمقاصد
[ ص: 76 ] بالصيد والغوص وغير ذلك
من فضله لم يصنع شيئا [منه] سواه. ولما كان التقدير: لتظهر عليكم آثار نعمته، عطف عليه قوله تعالى:
ولعلكم تشكرون أي: ولتكونوا بحيث يرجو منكم من ينظر حالكم ذلك الشكر من أنعم عليكم به ليزيدكم من فضله في الدنيا والآخرة.