ولما ذكر جزاءهم على ما هو الحق المساوي لأعمالهم طبق الفعل بالفعل، علله بما لزم على أعمالهم فقال:
ذلكم أي: العذاب العظيم
بأنكم اتخذتم أي: بتكليف منكم لأنفسكم وقسر على خلاف
[ ص: 114 ] ما أدى إليه العقل، وجاءت به الرسل، وساعدت عليه الفطر الأول
آيات الله أي: الملك الأعظم الذي لا شيء أعظم منه
هزوا أي: جعلتموها عين ما أنزلت للإبعاد منه
وغرتكم لضعف عقولكم
الحياة الدنيا أي: الدنية فآثرتموها لكونها حاضرة وأنتم كالبهائم لا يعدو نظركم المحسوس فقلتم: لا حياة غيرها ولا بعث ولا حساب، ولو تعقلتم وصفكم لها لأداكم إلى الإقرار بالأخرى.
ولما أوصلهم إلى هذا الحد من الإهانة، سبب عنه زيادة في إهانتهم وتلذيذا لأوليائه الذين عادوهم فيه وإشماتا لهم بهم:
فاليوم بعد إيوائهم فيها
لا يخرجون بمخرج ما
منها لأن الله لا يخرجهم ولا يقدر غيره على ذلك
ولا هم خاصة
يستعتبون أي: يطلب من طالب ما منهم الإعتاب، وهو الاعتذار بما يثبت لهم العذر ويزيل عنهم العتب الموجب للغضب بعمل من الأعمال الصالحات لأنهم في دار الجزاء لا دار العمل.