ولما وصف هذا المؤمن بادئا به لكونه في سياق الإحسان، وكان المراد بالإنسان الجنس، قال مادحا له بصيغة الجمع منبها على أن قبول الطاعات مشروط ببر الوالدين لأن ما ظهر دليل ما بطن، ومن لا يشكر من كان من جنسه لا سيما وهو أقرب الناس إليه لا سيما وهو السبب في إيجاده لم يشكر الله كما في الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688521«لا يشكر الله من لا يشكر الناس». ومن صلح ما بينه وبين [الله صلح ما بينه وبين] الناس عامة لا سيما الأقارب نسبا أو مكانا لا سيما الوالدين:
أولئك أي العالو الرتبة
الذين نتقبل بأسهل وجه
عنهم وأشار سبحانه بصيغة التفعل إلى أنه عمل في قبوله عمل المعتني، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وحفص بالنون فيه وفي الذي بعده، ويدل على ذلك قوله تعالى:
[ ص: 151 ] أحسن ويجوز أن يراد به مطلق الدعاء أو الطاعات ويكون ما دون الأحسن مقبولا، قبولا مطلقا على مقدار النية فيه، وتكون التعدية بعن إشارة إلى أن جبلاتهم مبنية على الترقي في معارج الكمال في كل وقت إلى غير نهاية، فتكون هذه المحاسن ليست [منهم] بمعنى أنهم مجبولون على أعلى منها في نهاياتهم والعبرة بالنهايات ولذلك قال تعالى:
ما عملوا ولم يقل: أعمالهم. ولما كان الإنسان محل النقصان وإن كان محسنا، نبه على ذلك وعلى أن شرط تكفير السيئات التوبة بقوله تعالى:
ونتجاوز أي: بوعد مقبول لا بد من كونه، وهو معنى قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالنون في الفعلين
عن سيئاتهم أي: فلا يعاقبهم عليها.
ولما كان هذا مفهما لأنهم من أهل الجنة، صرح به زيادة في مدحهم بقوله:
في أصحاب الجنة أي: أنه فعل بهم ذلك وهم في عدادهم؛ لأنهم لم يزالوا فيه لأنهم ما برحوا بعين الرضا. ولما كان هذا وعدا، أكد مضمونه بقوله:
وعد الصدق لكونه مطابقا
[ ص: 152 ] للواقع
الذي كانوا بكون ثابت جدا
يوعدون أي: يقطع لهم الوعد به في الدنيا ممن لا أصدق منهم، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام.