ولما بين تعالى إحاطة علمه بهم، أتبعه إحاطة قدرته فقال تعالى مسببا عن خيانتهم وهم في القبضة بما لا يخفى مما يريدون به صيانة أنفسهم عن القتل معبرا بالاستفهام تنبيها على أن حالهم مما يجازون به على هذا الاستحقاق له من البشاعة والقباحة والفظاعة ما يحق السؤال عنه لأجله [فقال]:
فكيف أي: حالهم
إذا توفتهم الملائكة أي: قبضت رسلنا وهم ملك الموت وأعوانه أرواحهم كاملة، فجازتها إلى دار الجزاء مقطوعة عن جميع أسبابهم [وأنسابهم] فلم ينفعهم تقاعدهم عن الجهاد في تأخير آجالهم، وصور حالهم وقت توفيهم
[ ص: 250 ] فقال:
يضربون أي: يتابعون في حال التوفية ضربهم
وجوههم التي هي أشرف جوارحهم التي جبنوا عن الحرب صيانة [لها] عن ضرب الكفار. ولما كان حالهم في جبنه مقتضيا لضرب الأقفاء، صوره بأشنع صوره فقال:
وأدبارهم التي ضربها أدل ما يكون على هوان المضروب وسفالته ثم تتصل بعد ذلك [آلامهم وعذابهم وهوانهم إلى ما لا آخر له.