ولما تبين أنه ليس لغيره مدخل في إيجاد النصر، وكانت السورة من أولها حضرة مخاطبة وإقبال فلم يدع أمر إلى نداء [بياء] ولا غيرها. وكان كأنه قيل: فما فائدة الرسالة إلى الناس؟ [أجيب] بقوله تقريرا لما ختم به من صفتي العزة والحكمة.
إنا بما لنا من العزة والحكمة
أرسلناك أي: بما لنا من العظمة التي هي معنى العزة
[ ص: 292 ] والحكمة إلى الخلق كافة
شاهدا على أفعالهم من كفر وإيمان وطاعة وعصيان، من كان بحضرتك فبنفسك ومن كان بعد موتك أو غائبا عنك فبكتابك، مع ما أيدناك به من الحفظة من الملائكة.
ولما كانت البشارة محبوبة إلى النفوس رغبهم فيما عنده من الخيرات وحببهم فيه بصوغ اسم الفاعل منها مبالغة فيه فقال تعالى:
ومبشرا أي: لمن أطاع بأنواع البشائر. ولما كانت النذارة كريهة جدا، لا يقدم [على] إبلاغها [إلا] من كمل عرفانه بما فيها من المنافع الموجبة لتجشم مرارة الإقدام على الصدع بها، أتى بصيغة المبالغة فقال تعالى:
ونذيرا