ولما كان التقدير: ذلك لأنكم لم تؤمنوا، فمن آمن منكم ومن غيركم وأخلص، أبحناه جنة وحريرا، عطف عليه قوله معمما:
ومن لم يؤمن منكم ومن غيركم
بالله [أي] الذي لا موجود في الحقيقة سواه
ورسوله أي: الذي أرسله لإظهار دينه وهو الحقيق بالإضافة إليه، معبرا عنه بالاسم الأعظم، وللزيادة في تعظيمه [وتحقير شانئه وتوهية كيده] التفت إلى مقام التكلم بمظهر العظمة فقال:
فإنا أي: على ما لنا من العظمة
أعتدنا له أو لهم هكذا كان الأصل، ولكنه قال معلقا للحكم بالوصف إيذانا بأن من لم يجمع الإيمان بهما فهو كافر، وإن [السعير لمن] كان كفره راسخا فقال تعالى:
للكافرين أي: الذين لا يجمعون الإيمان بالمرسل والرسول فيكونون بذلك كفارا، ويستمرون على وصف الكفر لأنهم جبلوا عليه
سعيرا أي: نارا شديدة الإيقاد والتلهب، فهي عظيمة الحر توجب الجنون
[ ص: 305 ] وإيقاد الباطن بالجوع بحيث لا يشبع صاحبه والانتشار بكل شر؛ فإن التنكير هنا للتهويل والتعظيم، وهذه الآية مع ما أرشد السياق إلى عطفها عليه ممن يؤمن دالة - وإن كانت في سياق الشرط - على أن أكثرهم يخلص إيمانه بعد ذلك.