ولما كان أجل وعيدهم وما يتعلق بالجزاء يوم القيامة وكانوا ينكرونه، قال:
وإن الدين أي: المجازاة لكل أحد بما كسب يوم
[ ص: 449 ] البعث، والشرع الذي أرسلت به هذا النبي الكريم
لواقع لا بد منه وإن أنكرتم ذلك، فيظهر دينه على الدين كله كما وعد بذلك، ثم نقيم الناس كلهم للحساب.
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير في برهانه: لما ذكر سبحانه المواعيد الأخروية في سورة "ق" وعظيم تلك الأحوال من لدن قوله:
وجاءت سكرة الموت بالحق إلى آخر السورة، أتبع سبحانه ذلك بالقسم على وقوعه وصدقه فقال:
والذاريات ذروا [إلى] قوله:
إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع والدين الجزاء، أي أنهم سيجازون على ما كان منهم ويوفون قسط أعمالهم
ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولما أقسم الله على صدق وعده ووقوع الجزاء، عقب ذلك بتكذيبهم بالجزاء وازدرائهم فقال:
يسألون أيان يوم الدين ثم ذكر تعالى حال الفريقين وانتهاء الطريقين إلى قوله:
وفي الأرض آيات للموقنين فوبخ تعالى من لم يعمل فكره ولا بسط نظره فيما أودع سبحانه في العالم من العجائب، وأعقب بذكر إشارات إلى أحوال الأمم وما أعقبهم تكذيبهم، وكل هذا تنبيه لبسط النظر إلى قوله:
ومن كل شيء خلقنا بقوله:
كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أي: إن هذا دأبهم وعادتهم حتى كأنهم تعاهدوا عليه وألقاه بعضهم إلى بعض فقال
[ ص: 450 ] تعالى:
أتواصوا به بل هم قوم طاغون أي: عجبا لهم في جريهم على التكذيب [و] الفساد في مضمار واحد، ثم قال تعالى:
بل هم قوم طاغون أي أن علة تكذيبهم [هي] التي اتحدت فاتحد معلولها، والعلة طغيانهم وإظلام قلوبهم بما سبق
ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ثم زاد نبيه عليه السلام أشياء مما ورد على طريقة تخييره عليه السلام في أمرهم من قوله تعالى:
فتول عنهم فما أنت بملوم ثم أشار تعالى بقوله:
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين إلى أن إحراز أجره عليه السلام إنما هو في التذكار والدعاء إلى الله تعالى، ثم ينفع الله بذلك من سبقت له السعادة
إنما يستجيب الذين يسمعون ثم أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بأن تكذيبه سينالهم قسط ونصيب مما نال غيرهم من ارتكب مرتكبهم، وسلك مسلكهم، فقال تعالى:
فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم إلى آخر السورة. انتهى.