ولما كان إهلاكهم بالماء الذي نزل من السماء، وطلع من الأرض بغير حساب، كان ربما ظن ظان أن ذلك كان لخلل كان فيهما، ثم أصلح بعد ذلك كما يقع لبعض من يصنع من الملوك صنعا يبالغ في إتقانه فيختل، قال عاطفا على ما نصب "يوم" مبينا أن فعل ذلك
[ ص: 474 ] ما كان بالاختيار، دالا على وحدانيته لتمام [القدرة] الدالة على ما تقدم من أمر البعث:
والسماء بنيناها بما لنا من العظمة
بأيد أي: بقوة وشدة عظيمة لا يقدر قدرها. ولما كانت السماء أليق لعظمتها وطهارتها بصفات الإلهية، قال وأكد لما يلزم إنكارهم البعث من الطعن في القدرة:
وإنا على عظمتنا مع ذلك
لموسعون أي: أغنياء وقادرون ذوو سعة لا تتناهى، أي: قدرة، من الوسع وهو اللطافة، وكذلك أوسعنا مقدار جرمها وما فيها من الرزق عن أهلها فالأرض كلها على اتساعها كالنقطة في وسط دائرة السماء بما اقتضته صفة الإلهية التي لا يصح فيها الشركة أصلا، ومطيقون لما لا يحصى من أمثال ذلك، ومما هو أعظم منه مما لا يتناهى، ومحيطون بكل شيء قدرة وعلما، وجديرون وحقيقون بأن يكون ذلك من أوصافنا فنوصف به لما يشاهد لنا من القوة على كل ما نريد، فلسنا كمن يعرفون من الملوك؛ لأنهم إذا فعلوا لا يقدرون على أعظم منه وإن قدروا [كان] ذلك منهم بكلفة ومشقة، وسترون في اليوم الآخر ما يتلاشى وما تريدون في جنبه، ومن اتساعنا جعلها بلا عمد مع ما هي عليه من العظمة إلى غير ذلك من الأمور الخارقة للعوائد: