ولما أقسم سبحانه على الصدق في وعيدهم، ودل على ذلك حتى بجميع قصد أحوالهم على إرادته. وختم بقوته التي لا حد لها، سبب عن ذلك إيقاعه بالمتوعدين، فقال مؤكدا لأجل إنكارهم:
فإن للذين ظلموا أي: الذين أوقعوا الأشياء في غير مواقعها. ولما كان القسم على ما
[ ص: 483 ] يوعدون بما يحمل المطر، عبر عن نصيبهم الذي قدره عليهم من ذلك بقوله:
ذنوبا أي: خطا من العذاب طويل الشر، كأنه من طوله صاحب ذنب وهو على ذنوبهم
مثل ذنوب أصحابهم أي: الذين تقدم ظلمهم بتكذيب الرسل وهو في مشابهته له كالدلو الذي يساجل به دلو آخر، وذلك دليل واضح على أن ما يوعدون صادق، وأن الدين واقع
فلا يستعجلون أي: يطلبوا أن آتيهم به قبل أوانه اللاحق به؛ فإن ذلك لا يفعله إلا ناقص، وأنا متعال عن ذلك لا أخاف الفوت ولا يلحقني عجز ولا أوصف به، ولا بد أن أوقعه بهم في الوقت الذي قضيت به في الأزل؛ لأنه أحق الأوقات بعقابهم لتكامل ذنوبهم، وحينئذ تكون، فيا له من تهديد ما أفظعه، ووعيد ما أعظمه وأوجعه، أمرا لا يدفعه دافع، ولا يمنع من وقوعه مانع، ولذلك سبب عنه قوله: