ولما كان هذا مع تشويقه إلى الجنة والأعمال الموصلة إليها وعظا يرقق القلوب ويجلي الكروب، سبب عنه قوله:
فذكر أي جدد التذكير بمثل هذا لكل من يرجو خيره ودم على ذلك، وسماه تذكيرا لأنه مما يعلمه الإنسان إذا أمعن النظر من نفسه أو من الآفاق، وعلل التذكير بقوله:
فما أنت أي وأنت أشرف الناس عنصرا وأكملهم نفسا وأزكاهم خلائق هم بها معترفون لك قبل النبوة
بنعمت ربك أي بسبب ما أنعم به عليك المحسن إليك من هذا الناموس الأعظم بعد تأهيلك له بما هيأك به من رجاحة العقل وعلو الهمة وكرم الفعال وجود الكف وطهارة الأخلاق وشرف النسب، وأكد النفي بقوله:
بكاهن أي تقول كلاما - مع كونه سجعا متكلفا - أكثره فارغ وتحكم على المغيبات بما يقع خلاف بعضه. ولما كان للكاهن والمجنون اتصال بالجن، أتبع ذلك قوله:
ولا مجنون أي تقول كلاما لا نظام له مع الإخبار ببعض المغيبات، فلا يفترك قولهم هذا عن التذكير فإنه قول باطل لا تلحقك به معرة أصلا، وعما قليل يكون عيبا لهم لا يغسله عنهم إلا اتباعهم لك، فمن اتبعك منهم غسل عاره، ومن استمر على عناده استمر تبابه وخساره.