ولما ذكر تكذيبهم وأعقبه تعذيبهم، علم السامع أنه شديد العظمة فاستمطر أن يعرفه فاستأنف قوله، مؤكدا تنبيها على أن قريشا أفعالهم في التكذيب كأفعالهم كأنهم يكذبون بعذابهم:
إنا أرسلنا بعظمتنا، وعبر بحرف الاستعلاء إعلاما بالنقمة فقال:
عليهم ريحا ولما كانت الريح ربما كانت عيانا، وصفها بما دل على حالها فقال:
صرصرا أي: شديد البرد والصوت. ولما كان مقصود السورة تقريب قيام الساعة
[ ص: 115 ] ووصف سيرهم إلى الداعي بالإسراع، ناسب أن يعبر عن عذابهم بأقل ما يمكن، فعبر باليوم الذي يراد به الجنس الشامل للقليل والكثير وقد يعبر به عن مقدار من الزمان يتم فيه أمر ظاهر سواء كان لحظة أو أياما أو شهورا أو كثيرا من ذلك أو أقل كيوم البعث ويوم بدر ويوم الموت بقوله تعالى: -
إلى ربك يومئذ المساق - :
في يوم وأكد شؤمها بذم زمانها فقال:
نحس أي شديد القباحة، قيل: كان يوم الأربعاء آخر الشهر وهو شوال لثمان بقيت إلى غروب الأربعاء، وحقق لأن المراد باليوم الجنس لا الواحد بالوصف فقال:
مستمر أي قوي في نحوسته نافذ ماض فيما أمر به من ذلك شديد أسبابه، موجود مرارته وجودا مطلوبا من مرسله في كل وقت، مستحكم المرارة قويها دائمها إلى وقت إنفاذ المراد.